أين سنة الرسول وماذا فعلوا بها ؟ - أحمد حسين يعقوب ص 19 :
شهادات على صحة ما ذهبنا إليه حول التكامل والتلازم بين القرآن وسنة الرسول
قلنا : إن القرآن والسنة وجهان لعملة واحدة ، فلا يمكن فهم القرآن فهما يقينيا أو تطبيقه دون وجود السنة المطهرة بفروعها الثلاثة القول والفعل والتقرير لأن المهمة الأساسية لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم تتمحور حول بيان ما أنزل الله من القرآن ، والقرآن والسنة متكاملان ، ولا غنى لأحدهما عن الآخر وتقريبا للذهن ، وإبرازا للمقصود ، فإن القرآن كالدستور في اللغة القانونية المعاصرة ، والسنة كالقانون ، فوجود الدستور لا يغني عن وجود القانون ، ووجود القانون لا يغني عن وجود الدستور ، لأن أي واحد منهما يشكل ركنا أساسيا من أركان المنظومة الحقوقية النافذة في المجتمع ، وهذا حال القرآن والسنة لأنهما هما المنظومة الحقوقية النافذة في المجتمع الإسلامي فالقرآن يشتمل على المبادئ الرئيسية والقواعد الكلية حيث أجمل ما يتغير وترك للرسول الأعظم أمر تفصيل ذلك على ضوء توجيهات الوحي الإلهي ،
- ص 20 -
أما ما لا يتغير ، فقد فصله القرآن تفصيلا دقيقا ، ومع هذا يبقى للرسول دور مهم يتمثل بتوضيح وتطبيق هذه التفصيلات .
1 - قال حسان بن عطية : ( كان جبريل ينزل على رسول الله بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن ، ويعلمه السنة كما يعلمه القرآن ) ( 1 ) .
2 - وقال أحمد بن حنبل : ( السنة تفسر الكتاب وتبينه ، والسنة عندنا آثار رسول الله ، والسنة تفسير القرآن وهي دلائل القرآن ) ( 2 ) .
3 - قال عبد الرحمن بن مهدي : ( الرجل إلى الحديث أحوج منه إلى الأكل والشرب ، لأن الحديث يفسر القرآن ) ( 3 ) .
4 - وقال ابن حزم . . . ( لما بينا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع نظرنا فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول الله ، ووجدنا أن الله عز وجل يقوله فيه واصفا لرسوله : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) ( 4 ) أفصح لنا بذلك بأن الوحي ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : وحي متلو مؤلف تأليفا معجز النظام وهو القرآن .
والثاني : وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز النظام ، ولا متلو لكنه مقروء وهو الخبر الوارد عن رسول الله ، وهو المبين عن الله عز وجل مراده ) ( 5 ) .
5 - قال الشيخ أبو زهرة : ( السنة هي أحد قسمي الوحي الإلهي الذي نزل به جبريل على النبي ، والقسم الثاني هو القرآن الكريم ) ( 6 ) .
( 1 ) المراسيل لأبي داود السجستاني ج 2 ص 249 .
( 2 ) حجية السنة ص 332 .
( 3 ) المصدر السابق .
( 4 ) سورة النجم ، الآيتان 3 - 4 .
( 5 ) الإحكام في أصول الأحكام ج 1 ص 93 .
( 6 ) الحديث والمحدثون ص 11 . ( * )
- ص 21 -
وقال : ( وقد وكل الله إلى نبيه ، أن يبلغ القرآن للناس ، وأن يبين لهم بقوله وفعله ما يحتاج إلى البيان ، والرسول إذ يبين للناس كتاب الله ، لا يصدر عن نفسه ، ولكنه يتبع ما يوحى إليه من ربه ، فالسنة النبوية وظيفتها تفسير القرآن ، والكشف عن أسراره ، وتوضيح مراد الله تعالى من أوامره وأحكامه ) ( 1 ) .
6 - وقال الشيخ عبد الغني عبد الخالق : السنة مع الكتاب في مرتبة واحدة من حيث الاعتبار والاحتجاج بهما على الأحكام الشرعية ولا نزاع بأن الكتاب يمتاز عن السنة بأن لفظه منزل من عند الله ، متعبد بتلاوته ، معجز بخلافها ، ولكن ذلك لا يوجب التفضيل بينهما من حيث الحجية ) ( 2 ) .
7 - وقال محمد عجاج : كلما جاء من الرسول سوى القرآن من بيان الأحكام وتفصيل لما في الكتاب الكريم وتطبيق له هو الحديث النبوي أو السنة . . . وهي بوحي إلهي ) ( 3 ) . ( فكيف يؤدي الاشتغال بالحديث إلى إهمال القرآن وتركه ) ( 4 ) ( فهذا من أبده الكلام الباطل لوضوح أن حديث رسول الله وما نطق به ليس إلا حقا كما صرح هو به في روايات إذنه لعبد الله بن عمرو في كتابة الحديث ) ( 5 ) .
8 - ( وليس الحديث الشريف إلا مفسرا للقرآن وشارحا لمراده ) ( 6 ) .
9 - وعقد الدارمي بابا نقل فيه عن ابن أبي كثير شيخ الأوزاعي قال فيه : ( السنة قاضية على القرآن ، وليس القرآن بقاض على السنة ) ( 7 ) .
( 1 ) الحديث والمحدثون ص 37 و 38 .
( 2 ) حجية السنة ص 485 .
( 3 ) أصول الحديث : محمد عجاج الخطيب ص 34 .
( 4 ) المرجع السابق ص 43 .
( 5 ) المرجع السابق ص 89 .
( 6 ) مقدمة التيجاني لكتاب الكفاية للخطيب ص 15 .
( 7 ) سنن الدارمي ج 1 ب 49 ح 594 . ( * )
- ص 22 -
10 - ونقل عن مكحول قوله : ( القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن ) ( 1 ) .
11 - وقال ابن برجان : ( ما قاله النبي من شئ فهو من القرآن ، وفيه أصله قرب أو بعد ، فهمه من فهمه ، وعمه عنه من عمه ) ( 2 ) .
12 - قال الزركشي : ( إعلم أن القرآن والحديث أبدا متعاضدان على استيفاء الحق وإخراجه من مدار الحكمة ، حتى أن كل واحد منهما يخصص عموم الآخر ويبين إجماله ) ( 3 ) .
13 - قيل لعمران بن الحصين : ما هذه الأحاديث التي تحدثونها وتركتم القرآن ؟ لا تحدثوا لا تحدثوا إلا بالقرآن ! ! فقال عمران في جوابه لذلك الآمر : أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعا ، وصلاة العصر أربعا والمغرب ثلاثا ! ! ! أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد الطواف بالبيت سبعا والطواف بالصفا والمروة ! ! ! ثم قال : ( اتبعوا ما حدثناكم وخذوا عنا وإلا والله ضللتم ) ( 4 ) .
14 - قال أيوب السجستاني : ( إذا حدثت الرجل بالسنة فقال : ( دعنا من هذا وحدثنا عن القرآن فاعلم أنه ضال مضل ) ( 5 ) ( 6 ) .
( 1 ) الكفاية للخطيب ص 47 . ( 2 ) الإرشاد في تفسير القرآن .
( 3 ) البرهان في علوم القرآن للزركشي ج 2 ص 128 .
( 4 ) الكفاية للخطيب ص 48 ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 1 ص 109 .
( 5 ) الكفاية ص 49 .
( 6 ) وقد نقلنا هذه المقتطفات عن كتاب تدوين السنة الشريفة من ص 347 و 353 . ( * )