أين سنة الرسول وماذا فعلوا بها ؟ - أحمد حسين يعقوب ص 102 :
مظهر إكمال الدين وإتمام النعمة
المظهر الأول حل مشكلة القيادة بتنصيب رسول الله أثناء حياته للإمام علي وليا وإماما للأمة من بعده ، وبتحديده للأئمة الأحد عشر الذين سيتعاقبون على قيادة الأمة بعد وفاة الإمام علي ، وببيانه لطريقة انتقال الإمامة من إمام إلى آخر ( كل بعهد ممن سبقه ) وبتأهيل رسول الله للأئمة وإعدادهم وتوريثهم علمي النبوة والكتاب ، يكون رسول الله قد حل مشكلة القيادة حلا جذريا ، وأغلق أبواب الخلاف والاختلاف من بعده فيها ، وقطع دابر الطمع والتنازع فيها وعليها ، وأضفى على منصب الإمامة طابع الاستقرار والمؤسسية ، وأوجد الطريقة المثلى لتربية الأمة سياسيا ، فعندما ينتقل منصب الإمامة من إمام لآخر اثني عشرة مرة بطريقة سلمية ، وعندما يتعود الناس على حكم الأفضل والأعلم والأفهم لن يتمكن الظالمون الطامعون من الاستيلاء على منصب القيادة بالقوة والتغلب لأنهم سيجدون يوما أمة كاملة تقف في وجوههم وتبطل كيدهم .
المظهر الثاني حل مشكلة القانون كلما كانت تنزل آية أو كوكبة من الآيات على رسول الله ، كان
- ص 103 -
الرسول يبينها لمن حضر من المسلمين بيانا عاما ، ثم ينفرد رسول الله بالإمام علي ويبينها له بيانا خاصا ، ثم يملي رسول الله بيانها على الإمام علي ، ويأمره بأن يكتبه بخط يده ، فعندما اكتمل نزول القرآن ، كان الإمام علي قد أكمل كتابة بيان الرسول لهذا القرآن ، أي أكمل كتابة السنة المطهرة بفروعها الثلاثة ، وعندما تم إنجاز ذلك أمر رسول الله الإمام عليا بأن يحتفظ بهذا الكنز ، وأن يعلم ما فيه إلى الإمام الذي يأتي من بعده ، وعندما يدركه الموت يسلم هذا الكنز إلى الإمام الذي يليه ، ويتوارث الأئمة الاثنا عشر الذين اختارهم الله وبينهم رسوله هذا الكنز والعلم معا ، فكان القرآن كله مكتوبا عند الإمام علي ، وكانت السنة كلها القولية والفعلية والتقريرية مكتوبة كلها عند الإمام علي بإملاء رسول الله وخط الإمام علي ، وانتقلت هذه الثروة من إمام إلى إمام وما زالت حتى يومنا هذا عند عميد أهل بيت النبوة الإمام الثاني عشر ، وهكذا حل رسول الله مشكلة القانون .
بهذه الحكمة الربانية أمكن ضمان خلود الشريعة الإلهية ، بقرآنها وسنتها ، وصيانتها من العبث والتحريف ، وتقديمها كاملة للعالم ، فلو حكم أئمة أهل بيت النبوة لما عدوا هذه المنظومة الحقوقية الإلهية ، فما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة موجود فيها ، وعندما تستفيق الأمة الإسلامية ، فتلعن طغاتها وجلاديها ومغتصبي أمرها ، وتعترف بحق أهل بيت النبوة بقيادة الأمة وقيادة العالم كله ، عندئذ ستظهر هذه المنظومة مع إمام أهل البيت كأحد براهين صدقه فلولا أعداء الله المتسترين بالإسلام لشقت هذه المنظومة الإلهية طريقها إلى التطبيق ، ولنعم العالم بعدل الشريعة الإلهية ، وبحكم أئمة أهل بيت النبوة الأطهار .